08 Feb 2024
الْحُبُّ في اللَّهِ
قِيلَ في أَدَبِ التَّعَايُشِ مَعَ النَّفْسِ: إِنَّ الْحُبَّ في اللَّهِ غَيْرُ مَشْرُوطٍ بِالْعَلَاقَاتِ الْعَمَلِيَّةِ أَوْ بِالْمَصَالِحِ الْإنْسَانِيَّةِ.
الْحُبُّ في اللَّهِ هُوَ أَسْمَى دَرَجَاتِ الْمَحَبَّةِ؛ وَذَلِكَ لأَنَّ الْقُلُوبَ تَعَاهَدَتْ عَلَى الْحُبِّ بِغَيْرِ شَرْطٍ، أَيْ أَنَّهَا وَقَفَتْ أَمَامَ اللَّهِ وَقَالَتْ: يَا أللَّهُ إِنِّي أَحْبَبْتُ فِيكَ هَذَا وَأَنْتَ تَشْهَدُ، فَإِذَا وَجَدْتَ مِنْهُ مَا أُحِبُّ زِدْتَ حُبًّا لَهُ فِيكَ, وَإِذَا وَجَدْتَ مِنْهُ مَا كَرِهْتَ لَمْ تُنْقِصْ مَحَبَّتَهُ مِنْ قَلْبِي لِأَنَّنِي أَحْبَبْتُهُ فِيكَ فَلَا أنْتَظِرُ مِنْهُ سِوَى الْحُبِّ وَالْقُرْبِ مِنْكَ.
أَمَّا مَا نَرَاهُ مِنْ قُلُوبٍ كَانَتْ بِالْأَمْسِ تَنْشُدُ أَنَاشِيدَ الْمَحَبَّةِ ثُمَّ تَنْقَلِبُ الْيَوْمَ إِلَى أَشَدِّ أَنَاشِيدِ الْإِثْمِ فَهِيَ قُلُوبٌ لَمْ تُحِبَّ يَوْمًا وَلَمْ تَعْرِفْ حُبَّ اللَّهِ بَعْدُ، فَحُبُّ اللَّهِ يَدْفَعُكَ إِلَى حُبِّ النَّاسِ، يَجْعَلُكَ دَائِمَ الْعَطَاءِ، دَائِمَ الْخِدْمَةِ حَتَّى لَوِ انْقَطَعَتْ حَاجَتُكَ مِنْهُمْ فَلَا سَبِيلَ عِنْدَكَ لِقَطْعِ حَاجَتِهِمْ مِنْكَ.
يَحْدُثُ أَنْ يُعِيدَ اللَّهُ تَرْتِيبَ جُنُودِهِ، فَتَرَاهُ يَسْتَبْدِلُ هَذَا، وَ يُؤَخِّرُ هَذَا، وَيُقَدِّمُ هَذَا، فَهَذَا شَأْنُ اللهِ وَحْدَهُ؛ إِذْ إنَّهُ هُوَ اللَّهُ الْمَعْبُودُ الْوَاحِدُ الَّذِي يَمْتَلِكُ أَسْبَابَ الرِّزْقِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ مَعَهُ، وَلَكِنْ مَهْمَا تَغَيَّرَتْ رُتَبُ جُنُودِهِ بِالزِّيَادَةِ أَوْ بِالنُّقْصَانِ لَا تَتَغَيَّرُ رُتَبُ الْمَحَبَّةِ أبَدًا.
وَأتَسَاءَلُ وَلَعَلَّ هُنَاكَ مَنْ يَمْتَلِكُ الْجَوَابَ... لَعَلَّ هُنَاكَ مَنْ يُجِيدُ قِرَاءَةَ الْحِكْمَةِ: مَا الَّذِي يَجْعَلُ قُلُوبًا بِالْأَمْسِ كَانَتْ مُحِبَّةً تَنْقَلِبُ الْيَوْمَ عَلَى أَعْقَابِهَا؟
أَهُوَ بَلَاءٌ وَمِحْنَةٌ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ وَلِمُحِبِّيهِمْ؟
أَمْ هُوَ رَحْمَةٌ لِمُحِبِّيهِمْ إِذْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ غَيْرُهُ وَ أَبْصَرَ مَا لَا يُبْصِرُهُ غَيْرُهُ فَقَضَى بِالِاسْتِبْدَالِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بِالْكُرْهِ وَالْعُدْوَانِ..
إِنَّ الْمُحِبَّ بِصِدْقٍ، الْمَدْعُوَ إِلَى مَنَابِرِ النُّورِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ذَلِكَ الَّذِي يُلَبِّي نِدَاءَ رَبِّهِ حِينَمَا يُقَالُ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ في جَلَالِي؟ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبِّي هَا أَنَا هُنَا ..
لَا يَنْتَظِرُ أَيَّ شَيْءٍ، وَلَا يَرْتَجِي أَيَّ مَعْرُوفٍ غَيْرَ أَنَّهُ يُحِبُّ، هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَفْضَحُهُمْ أَعْيُنُهُمْ أَيْنَمَا سَارُوا .. لَا يَرْحَلُونَ مِنْ قُلُوبِ أَحِبَّتِهِمْ وَإِنْ هُمْ رَحَلُوا، لَا يَعِيبُونَ أَحِبَّتَهُمْ بَعْدَ أَنْ قَضَوْا مَعَهُمْ دَهْرًا طَوِيلًا ..
قُلْ لِلَّذِينَ لَمْ يُحِبُّوا في اللَّهِ بَعْدُ: أَيْنَ إيمَانُكُمْ؟ فَالْإِيمَانُ يَقِفُ عَلَى قَدَمَيْنِ:
الْأُولَى: التَّوْحِيدُ.
وَالثَّانِيَةُ: الْحُبُّ.
فَإِذَا غَابَتْ إحْدَاهُمَا أنَّى لِصَاحِبِنَا أَنْ يَمْشِيَ إِلَى اللَّهِ؟
أنَّى لِصَاحِبِنَا أَنْ يَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ؟
لَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ عَلَى رَجُلٍ عَاشَ عُمْرَهُ مُنَافِقًا لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا سِوَى إمْعَانِ الْأَذَى بِهِ!
هَذَا إِمَامُ الْمُحِبِّينَ .. فَأَيْنَ أَهْلُ الْمِسْبَحَةِ وَأَهْلُ الدِّينِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ؟!
لَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ عَلَى مَنْ أَمْعَنَ في الْمَكْرِ بِهِ .. فَكَيْفَ بِكُمْ وَقَدْ أَسَأْتُمْ وَتَجَبَّرْتُمْ عَلَى مَنْ أَمْعَنَ في مَحَبَّتِكُمْ وَالتَّغَافُلِ عَنْكُمْ حَتَّى قَضَى اللَّهُ أمْرًا كَانَ مَفْعُولًا؟
إِلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَنْتَسِبُوا لِلْجَنَابِ الْمُحَمَّدِيِّ، اسْتَقِيمُوا يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ.. لَقَدْ وَقَعْتُمْ في شَرْطِ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا﴾..
لَمَّا جَعَلَ لِلْمَحَبَّةِ شُرُوطًا، وَأوْقَدَ الْفِتَنَ، وَسَارَ بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ وَالْكَذِبِ بَدَّلَ بِيَدَيْهِ جَنَّتَهُ بَعْدَ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا أَعْوَامًا مِنْ رَصِيدِ عُمْرِهِ.
#الحب_في_الله
#خواطر_دينية
#التفكير_العميق
#التأمل_الروحي
#الحب_الصافي
#التوحيد_والمحبة
#الحب_والتضحية
#القيم_الدينية
#التفكير_الفلسفي
#التفاني_في_الخدمة
#التسامح_والمحبة
#الايمان_بالله
#التعايش_السلمي
#التطوير_الروحي
#التأمل_والتفكير