08 Feb 2024

الْخَاتِمَةُ

الْخَاتِمَةُ

سَألَ أحَدُهُمْ: مَتَى سَنَصِلُ إلَى غَايَتِنَا ونَنْجَحُ فِيمَا نَفْعَلُه و نُجَازَى عَلَيْه؟
أجَابَ الآخَرُ: سَنَصِلُ حَتْمًا لا تَخَفْ..
سَألَ مَرَّةً أُخْرَى: مَتَى؟ ومَتَى سَأسْتَرِدُّ حُقُوقِي، وأرَى حَصَادَ السَّعْيِ الَّذِي سَعَيْتُه؟
أجَابَ الآخَرُ: سَنَصِلُ حَتْمًا لا تَخَفْ.
سَألَ مَرَّةً أُخْرَى: أنْتَ لَمْ تُجِبْ، مَتَى سَنَصِلُ؟
أجَابَ: لَوْ كَانَ هذَا السَّعْيُ للهِ وحْدَه فَغَايَتُك هِيَ أنْ يَرْضَى اللهُ، ومِنْ أجْلِ هذِه الْغَايَةِ سَتَتَحَمَّلُ أذَى الْخَلْقِ ومَكْرِهِمْ بِكَ، وسَتَتَحَمَّلُ ضِيقَ الْحَالِ وقِلَّةَ حِيلَتِكَ، وسَتَتَحَمَّلُ أعْبَاءَ رِسَالَتِكَ .. فَمَقْصُودُكَ هُو اللهُ ولَيْسَ اسْتِرْدَادَ حُقُوقِكَ ولا حَصَادَ سَعْيِكَ ولا كُلَّ مَا قُلْتُ، لَوْ كَانَ اللهُ  مَقْصُودَكَ فَأبْشِرْ، فَسَوْفَ يَكُونُ يَوْمُ وَفَاتِكَ هُوَ يَوْمَ نَوَالِكَ لِثَمَرَةِ طَرِيقِكَ، وهُوَ اللِّقَاءُ وكَشْفُ غِطَاءِ الْغَيْبِ عَنْكَ.
وإنْ كَانَ مَقْصُودُك هُوَ نِتَاجَ سَعْيِكَ وانْتِصَارِكَ وغَيْرِ ذَلِكَ فَهَذَا شَأْنُ اللهِ مَعَكَ؛ إنْ شَاءَ أعْطَاكَ، وإنْ شَاءَ مَنَعَك.
وفي الْحَالَتَيْنِ أَنْتَ سَتَظَلُّ سَاعِيًا إلَيْهِ .. فَكُنْ مِمَّنْ سَعَوْا إلَى اللهِ بإخْلَاصٍ، لا يَبْتَغُونَ رَدَّ أيِّ شَيْءٍ مِمَّا أُخِذَ مِنْهُم حَتَّى وإنْ لَمْ يَعُدْ لَدَيْهِمْ أيُّ شَيْءٍ. 
هَؤُلَاءِ أفْضَلُ مِمَّنْ يَعْبُدُونَ اللهَ لِيُعْطِي ولِيَنْصُرَ.
فَلَا تَسْألْ مَتَى سَأنَالُ كذَا .. بَلْ قُلْ مَتَى سَأرَى اللهَ .. هكَذَا يَكْمُلُ إيمَانُكَ. 
وتِلْكَ دَرَجَةٌ لا يَجْتَازُهَا إلَّا الْقِلَّةُ فَاجْتَهِدْ أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ.
واعْلَمْ أنَّ اللهَ إذَا أذِنَ بِأنْ يُؤْخَذَ مِنْكَ شَيْءٌ أوْ يَقَعَ بِكَ ضُرٌّ فَقَدْ خَبَّأ لَكَ صِفَةً مِنْ صِفَاتِه كَهَدِيَّةٍ لَكَ .. فَلَوِ انْقَطَعَتْ عَنْكَ مِنَ الدُّنْيَا نِعْمَةٌ فَصَبَرْتَ كُنْتَ مِمَّنْ نَزَلَتْ بِهِمْ عَطِيَّةُ الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ فَأخَذْتَ أنْوَارَ اسْمِ اللهِ (الصَّبُور)، وهكَذَا في كُلِّ شَيْءٍ، فَمَتَى نَزَلَتْ بِكَ الأسْمَاءُ والصِّفَاتُ بَدَأ تَجْهِيزُكَ لِلِقَاءِ صَاحِبِهَا، وهذَا مَقْصُودُك وغَايَتُكَ، ولَا يَنْبَغِي لَكَ أنْ تَلْتَفِتَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
إذَا كُنْتَ تَرْجُو أنْ تَكُونَ مِنَ الْقِلَّةِ الَّتِي تَمَّ اصْطِفَاءُ أصْحَابِهَا بِعِنَايَةٍ فَاصْبِرْ واحْتَسِبْ ولا تَرْتَجِ الأجْرَ بَلِ اطْمَعْ أنْ تَنَالَ مَحَبَّةَ صَاحِبِ الأجْرِ .
لِمَاذَا تَطْلُبُ وَرْدَةً مِنْ بُسْتَانٍ وأنْتَ تَسْتَطِيعُ أنْ تَمْتَلِكَ الْبُسْتَانَ كُلَّهُ، ولِمَاذَا تَطْمَعُ في أنْ تَمْتَلِكَ بَيْتًا في مَكَانٍ وأنْتَ مِنَ الْمُمْكِنِ جِدًّا أنْ تَكُونَ ضَيْفًا في بَيْتِ الْمَلِكِ نَفْسِه، وتَكُونَ مِمَّنْ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ ويَسْمَعُونَ حَدِيثَه.
لَقْدْ جِئْنَا - يَا صَدِيقِي - مِنَ الْعَدَمِ، وكُلُّنَا إلَى زَوَالٍ، ولَا يَخْفَى علَى أيٍّ مِنَّا أنَّ الْمَوْتَ قَادِمٌ بِلَا شَكٍّ، فَلْنَضَعِ الأوْلَوْيَّاتِ حَتَّى نَسِيرَ بِهُدُوءٍ .. إمَّا الْوَرْدَةَ أوِ الْبُسْتَان .. إمَّا بَيْتًا تَمْتَلِكُه في أيِّ مَكَانٍ  أوْ بَيْتَ الْمَلِكِ. 
لَا تَسْأَلِ اللهَ وقْتَ البَلاءِ أنْ يَنْصُرَكَ بَلْ قُلْ: لَعَلَّهُ يَرْضَى... لَعَلَّهُ يَرْضَى.
لَوْ فَقَدْتَّ كُلَّ شَيْءٍ .. قُلْ: لَعَلَّهُ يَرْضَى.
ألَا تَرَى الْمَلَكُوتَ كُلَّه يَسِيرُ إلَيْهِ خَاضِعَ الرَّأْسِ وقَدْ وَضَعَ رَقَبَتَهُ علَى مِقْصَلَةِ التَّوْحِيدِ! 
أَيْنَ عَيْنُكَ . . . ألَا تَرَى أَنَّ الْجَمِيعَ كَادِحٌ إلَيْهِ في صَمْتٍ ! 
ألَا تَرَى كَيْفَ تَتَحَرَّكُ مَوَاكِبُ الْعَبِيدِ كُلَّ دَقِيقَةٍ بِالْمَوْتِ وَالتَّسْلِيمِ، كَالْعَامِلِ الَّذِي يُسَلِّمُ زِيَّ عَمَلِه لِصَاحِبِ الْعَمَلِ! 
ألَا تَرَى كَيْفَ نُسَلِّمُ أجْسَادَنَا إلَيْهِ بِالْمَوْتِ كَالْعُمَّالِ. 
أَيُّ جَزَاءٍ تَنْتَظِرُ؟ 
أَيُّ نَصْرٍ تَبْتَغِي؟ 
أَيُّ رِزْقٍ تَسْعَى إلَيْهِ؟ 
يَا صَاح: أَفْلِتْ بِرَقَبَتِكَ... انْجُ بِهَا تَفْلَح... خُذْهَا وَضَعْهَا علَى مِقْصَلَةِ التَّوْحِيدِ خَاضِعًا وَقُلْ: جِئْتُك بِهَا لَعَلَّكَ تَرْضَى . 
لَيْسَ عِنْدَنَا إِبْرَاهِيمُ لِنَفْتَدِي بِوَقْفَتِه الْحَزِينَةِ فَتَشْفَعَ لنَا علَى مَقَاصِلِ التَّوْحِيدِ كَمَا شَفَعَتْ وَقَفْتُه لِإسْمَاعِيلَ وفَدَاه رَبُّه، مَنْ يَفْدِينَا أنَا وَأنْتَ؟
نَعْرِفُ مَنْ هُنَا علَى الْأرْضِ غَيْرَه؟ 
ألَيْسَتْ كُلُّ الْوُجُوهِ زَائِلَةً، وَكُلُّهَا غَرِيبَة؟ 
اخْرُجْ مِنْ دَوَائِرِ صِرَاعِ الْبَشَرِ وانْجُ بِرَقَبَتِكَ. 
ضَعْهَا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَقُلْ: لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، وَأنْتَ اللَّهُ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

#التفكير_الروحي

  1. #التأمل_والتفكير

    #التوبة_والتسامح

    #الايمان_واليقين

    #الرضا_بقضاء_الله

    #السعي_نحو_الله

    #التوحيد_والاستغفار

    #المحبة_والتضحية

    #الصبر_والاحتساب

    #التقرب_إلى_الله

    #التسامح_والعفو

    #الرضا_بالقدر

    #التوكل_على_الله

    #التأمل_في_آيات_الله

    #التسامح_والتواضع