08 Feb 2024

تَصْحِيحُ مُعْتَقَداتٍ

تَصْحِيحُ مُعْتَقَداتٍ

أحَدُهُمْ يَقُولُ: مَاتَتْ صَدِيقَتِي بِالسَّرَطَانِ فَقَدِ انْتَصَرَ عَلَيْهَا!
لا ليس حقيقي بل هِيَ الَّتِي انْتَصَرَتْ علَى السَّرَطَانِ بِالْمَوْتِ، ولَيْسَ السَّرَطانُ هُوَ الَّذِي انْتَصَر عَلَيْها!
الْمَوُتُ هُوَ جَنَّةُ الصَّالِحِينَ، يَتَمَنَّاه أهْلُ اللهِ الأبِطَالُ لأنَّهُم يَنْشُدُونَ لِقاءَ اللهِ، ولَا سَبِيلَ لِلِقَاءِ اللهِ إلَّا بِهَذِه الرِّحْلَةِ الْمُبَارَكَةِ، رِحْلَةُ الْمَوْتِ.. السَّفَرُ مِنْ عَالَمِ الأرْضِ إلَى عَالَمِ النُّورِ، الْحُرِّيَّةُ مِنْ سِجْنِ الْجَسَدِ إلَى بُحْبُوحَةِ الْمُلْكِ الوَاسِعِ.
إذَا كُنْتَ مِمَّنْ يَكْرَهُونَ هذَا اللِّقَاءَ.. ألَمْ يَحِنِ الْوَقْتُ لِتَسْألَ نَفْسَكَ: لِمَاذَا لَا تُحِبُّ هذَا اللِّقَاءَ؟ لَعَلَّكَ تُقَيِّمُ أدَاءَ رُوحِكَ السَّائِرَةِ بِغَيْرِ هُدًى فَوْقَ ظَهْرِ هذِه الْمَعْمُورَةِ!
هَؤلاءِ وغَيْرُهم مِمَّنْ يُجَاهِدُونَ في الدُّنْيَا جَمِيعُهُم يَحْمِلُونَ نَفْسَ الرِّسَالَةِ.. رِسَالَةِ الإصْلاحِ.. مِنْهُمْ مَنْ يَعْمُرُ الأرْضَ ويُعِيدُ صِياغَةَ الْمَشَاهِدِ، ومِنْهُم مَنْ يُقَابِلُ الْمَرَضَ فَيَنْتَصِرُ علَيه بِلِقَاءِ اللهِ، فإنَّ الْمَرِيضَ كَانَتْ رِسَالَتُه هِيَ  الْعِبْرَةَ، حتَّى إذَا شَاهَدَ النَّاسُ ألَمَه قَالُوا: الْحَمْدُ للهِ، فَبَعْضُ النَّاسِ يَنْتَزِعُ اللهُ مِنْهُم الْحَمْدَ بِهَؤلاءِ الأبْطَالِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ في سَاحَاتِ الْمَرَضِ. 
والْعِبْرَةُ والإصْلَاحُ هُمَا بِذْرَتَا التَّوْحِيدِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا دَعَائِمُ «لا إلَه إلَّا اللهُ» في قَلْبِكَ.. وإذَا ثَبَتَتْ في قَلْبِكَ اسْتَطَعْتَ أنْ تَغْرِسَها في الأرْضِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ والأخْلاقِ الطَّيِّبَةِ، فَبِدُونِ ذَلِكَ.. فِرَّ مِنْ لِقَاءِ رَبِّكِ إذِا اسْتَطَعْتَ.. 
فالْمُصْلِحُ والْمَرِيضُ يُؤدِّيانِ نَفْسَ الرِّسَالَةِ لَكِنْ بِصُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ.
لِمَاذَا الْحَمْدُ؟
لأنَّ بِه تَعْتَدِلُ مَوازِينُ النِّعَمِ، فَهؤلاءِ الَّذِينَ لا يَحْمَدُونَ اللهَ لَهُمْ أُمْنِياتٌ قَدْ أُجِيبَتْ لَكِنْ لَنْ يَسْتَلِمُوهَا بِسَبَبِ أنَّهُم لَمْ يَحْمَدُوا اللهَ علَى مَا أعَطاهُمْ.. فَيَكُونُ الْحَائِلُ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ طَلَبَاتِهِمْ هُوَ الْحَمْدَ.. فَحَمْدُهُم نَاقِصٌ، ومَتَى زَادَ حَمْدُهُم اعْتَدَلَتْ مَوازِينُ النِّعَمِ.. { لئن شكرتم لأزيدنكم }( )، بِدُونِ الشُّكْرِ تَتَوَقَّفُ مَوَاكِبُ الزِّيَادَةِ علَى الرَّغْمِ مِنْ وُصُولِهَا عِنْدَ بابِ الْعَبْدِ الطَّالِبِ.. 
لِمَاذَا الْحَمْدُ؟
لأنَّ بِه يَنْتَقِلُ الإنْسَانُ مِنْ هِدَايَةِ الدِّلالَةِ إلَى الْمَعُونَةِ.. وفي هذِه شَرْحٌ يَطُولُ.
وكُلُّ هَؤلاءِ الَّذِينَ اسْتَعْمَلَهُم اللهُ في الأرْضِ أبْطَالٌ.. أبْطَالٌ قَدِ انْتَصَرُوا وفَازُوا بِهَذَا اللِّقَاءِ..
فَالْمَرَضُ كَانَ مَرْسُولَ السَّمَاءِ الَّذِي انْتَزَعَ مِنْكَ الْحَمْدَ وزَفَّ الأبْطَالَ إلَى اللهِ..
لِمَاذَا يَخْتَصُّهُم اللهُ بِبَهْجَةِ الْخَواتِيمِ... الدَّرَجَاتِ الْعَظِيمَةِ؟
لأنَّهُم هُمُ الْقُدْوَةُ الَّذِينَ جَرَتْ عَلَيْهِم اخْتِبَارَاتُ الْعِنَايَةِ الإلَهِيَّةِ « نَمَاذِج الاخْتِبَارَاتِ الصَّعْبَةِ» فَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ إلَّا الْجَمَالُ والصَّبْرُ.
الاخْتِبَاراتُ والشَّدَائِدُ لا تُظْهِرُكَ فَقَط أمَامَ النَّاسِ، بَلْ تَفْضَحُ مَعْدِنَكَ أمَامَ اللهِ وأمَامَ نَفْسِكَ.. فَتَعْرِفُ نَفْسَك: هَلْ أنْتَ مُخْلِصٌ حَقًّا ومُؤْمِنٌ بِاللهِ، أمْ أنْتَ حُلْوُ اللِّسانِ قَلِيلُ الْعَمَلِ؟.
وقَدْ قِيلَ:  مَنْ عَرَفَ نَفْسَه عَرَفَ رَبَّه .
فَالْمَوْتُ قَادِمٌ بِلَا شَكٍّ، لَكِنْ كَيْفَ سَنَمُوتُ؟
رَحْمَةُ اللهِ علَى هذِه الْبَطَلَةِ.. و نَسْألُ اللهَ لنَا جَمِيعًا بَهْجَةَ الْخَواتِيمِ. 
وإلى هَؤلَاءِ الَّذِينَ فَقَدُوا أحِبَّتَهُم: إنَّ الأجْسَادَ فَقَط هِي الَّتِي تَسْقُطُ عِنْدَ الْمَوْتِ، لَكِنَّ الرُّوحَ تَبْقَى.. فَهِي السِّرُّ.. لا تَبْلَى، ثُمَّ تَتَسَلَّلُ إلَيْنَا صِفَاتُ مَنْ نُحِبُّ فَتَتَغَيَّرُ صِفَاتُنَا و طَبَائِعُنَا فَنُصْبِحُ فَجْأةً نُشْبِهُ الَّذِينَ فَقَدْناهُمْ بِالأمْسِ، فَنَجِدُ صِفَاتِهِمْ قَدِ اخْتَلَطَتْ بِنَا وأثَرَهُمْ قَدْ سَكَنَ مَلامِحَنَا.. فَحِينَها نُدْرِكُ جَيِّدًا أنَّهُم لَمْ يَرْحَلُوا.. هُمْ فَقَط قَدِ انْتَقَلُوا مِنْ أجْسَادِهمِ إلَى أجْسَادِنَا.. فَلِلرُّوحِ أسْرَارٌ.. لا يَعْلَمُهَا إلَّا اللهُ .
فالنَّاسُ مَوْتَى.. وأَهْلُ الْحُبِّ أحْيَاء.. 
و أهْلُ الْحُبِّ هُمْ أَهْلُ اللهِ.. فَأيْنَ الفِراقُ؟

 

#تصحيح_المعتقدات

 #خواطر_السائرين

 #الموت_والحياة

 #الحمد_والشكر 

#فلسفة_الموت 

#روحانية 

#التصالح_مع_الموت

 #معنى_الحياة

 #استعداد_للقاء_الله